افتتُحت المكتبة فى حفل بهيج فخيم وأقبل الناس عليها للإشتراك بها، ورأوا شيئاً لم يعهدوه من قبل؛ أمناء المكتبة يحثون الأعضاء على أن يستعيروا ويأخذوا الكتب معهم لقراءتها فى بيوتهم ثم إعادتها بعد فترة محددة. تزايد الأعضاء بمعدل ألف عضو تقريبا فى كل شهر فبعد عام واحد أصبح هناك إثنا عشر ألف عضواً. كان هناك بطبيعة الحال الداعمان الكبيران السيدة سوزان مبارك من مصر و السيد رينهارد مون من المانيا يدعمان المكتبة كل فى مجاله, لم نكن نطرق بابا الإ ونجده مفتوحاً رغم هذا النجاح كانت هناك أيضاً مشاكل كان علينا أن نواجهها وأغلب هذه المشاكل تنبع من سؤال واحد لا توجد له إجابة شافية: من أنتم...؟ هل أنتم كيان حكومى؟ فنجيب لا لسنا بالظبط كيان حكومى ...فيأتى السؤال.. أنتم إذاً كيان ينتمى الى العمل الأهلى فهل أنتم منظمة غير حكومية؟ فنقول لا, لسنا منظمة غير حكومية و إن كانت الحكومة شريكا في إنشائنا وفى مسيرتنا وتدعمنا باستمرار فيأتى السؤال ما هى الجهة التى تمولكم وتدفع مرتبات العاملين؟ وما الجهة التى تشرف عليكم؟ نجيب أن الجهة التى تشرف علينا هى مجلس الإدارة وثلث أعضاء المجلس يعينهم وزير الثقافة والثلث الثانى تختارهم جمعية الرعاية المتكاملة, والثلث الأخير ترشحهم مؤسسة أهلية المانية هى مؤسسة برتلسمان, أما عن المرتبات فأعضاء مجلس الإدارة يعملون تطوعاً دون أى مقابل مادى, أما العاملون فيتلقون مرتباتهم من إدارة المكتبة التى تنص إتقافية إنشائها على أن تتولى مؤسسة برتلسمان تدبيرها. ويأتى السؤال وهل الإتفاقية التى أنشئت المكتبة تنفيذاً لها هى إتفاقية دولية تم التصديق عليها فى مجلس الشعب؟ فنقول لا نعتقد حيث أن أحد طرفيها مؤسسة أهلية وليست دولة أو حكومة... وبالتالى لا تعتبر إتفاقاً دولياً يخضع لقانون المعاهدات الدولية ولكن المكتبة قامت وتم انشاؤها فى مقرِ مملوك للدولة ويتواصل التساؤل حول نقطة محورية وهى موضوع الهوية... من أنتم؟ ورغم أن هذا الحوار لم يعطل أو يعيق مسيرتنا بل واصلنا النمو والنجاح والإنتشار وأعدنا العهد الذهبى لمكتبات البلدية فى المحافظات... أنتشرت على البحرين الأبيض والأحمر وفى الدلتا والصعيد وفى الصحراء... ولكن كان لابد من أن يأتى يوم تحسم فيه قضية الهوية خاصة أن العاملين فى المكتبة أصبحوا قلقين ... ماذا سيحدث لهم بعد إنقضاء الفترة التى تدبر فيها مؤسسة برتلسمان مكافأتهم؟ ظلت قضية الهوية تحوم حولنا وحول عملنا وتؤرق العاملين وبالتالى تؤرقنى شخصياً وظلت القضية عالقة إلى أن جاء حسمها بصدور القرار الجمهورى رقم 49 لسنة 2006 المعدل بقرار من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم67 لسنة 2011. التى تنص المادة الأولى من القرار على
بقلم سعادة السفير عبد الرءوف الريدي الحديث الأول 31 مارس 2020 #مكتبة_مصر_العامة #السفير_عبد_الرءوف_الريدي #حديث_المكتبة أكتب هذه الكلمات في اليوم الأخير من شهر مارس 2020... كنا نعتزم أن نعقد خلال هذا الشهر احتفالا كبيرا ومبهجا كما تعودنا أن نفعل يوم21 مارس من كل عام احتفاءً باليوم الذي افتتحت فيه "مكتبة مبارك العامة" 21 مارس 1995... عقدنا احتفالا كبيرا في كل عام يحضره الأطفال والكبار وتشارك فيه مكتبات مصر العامة في المحافظات المختلفة وكنا نعتزم أن يكون احتفال هذا العام احتفالا استثنائيا باعتبار أنه يمثل العيد الفضي للمكتبة... كنا أيضا نعتزم أن نعقد مؤتمرا يوم 23 مارس عن دور المكتبات العامة في مسيرة التنوير في مصر، ووجهنا الدعوات بالفعل إلى عدد من الوزراء والخبراء المهتمين بمسيرة الثقافة والتنوير ليشاركوا في هذا المؤتمر الذي افترضنا أنه سيستمر طوال اليوم ثم نختتمه بجلسة اعلامية كبيرة، كنا نفكر ولكن الله كان يدبر... فجاء شهر مارس وبالكاد انقضى دون الاحتفال ودون المؤتمر. لا يعني مرور هذا الشهر دون احتفال أنه ليس لدينا ما يبعث على الأمل في أن نحتفل بهذه المناسبة في المستقبل القريب إن شاء الله... لدينا ما نعتز بتحقيقه عبر هذه الأعوام الخمسة والعشرين. جاء افتتاح هذه المكتبة "مكتبة مبارك العامة" في احتفال كبير ومشهود حضره رئيس الجمهورية الأسبق والسيدة الفاضلة سوزان مبارك صاحبة الدور الرائد في إنشاء هذه المكتبة وحضره رئيس الوزراء وكبار المثقفين في مصر، كما حضرت نخبة من المجتمع الألماني على رأسهم رينهارد مون الذي كان له دور كبير في تأسيس هذه المكتبة. في الحادي والعشرين من مارس 1995 لم تكن آمالنا في هذا اليوم تتجاوز جدران هذه المكتبة، كان أملنا أن تصبح هذه المكتبة مكتبة رائدة تمثل نموذجا لمستقبل المكتبات العامة في مصر، لم نكن نطمح أكثر من ذلك لكننا ما أن بدأنا حتى قررنا ألا نكتفي بأن تكون مكتبة وحيدة بل أن تصبح لها فروعا وبدأنا بفرع صغير في منطقة الزيتون وكنا نقول أن أول فرع لنا هو غصن الزيتون.كان هذا الفرع بداية مسيرة أخذتنا عبر الأعوام إلى مختلف أرجاء مصر شرقا في البحر الأحمر وغربا في الوادي الجديد شمالا في البحر الأبيض المتوسط وجنوبا حتى الأقصر أيقونة وادي النيل، وبالجهد المتواصل والإرادة الواثقة عبر الأعوام أصبحنا اليوم ثمانية عشر مكتبة وهناك مكتبتان أخريتان في طريقهما للافتتاح هذا العام... 20 مكتبة في 2020. أزعم أن هذا الإنجاز الذي شارك في تحقيقه مجموعة مؤمنة برسالة التنوير في مصر إنجاز جدير بأن نحتفي به حتى بيننا وبين أنفسنا... ليس لمجرد الاحتفال بعيد أتى بل لأننا نثق في أن هذه المسيرة ربما تصبح يوما بداية تحقيق أمل في إنجاز مشروع قومي كبير يهدف إلى أن تتحول المكتبة الوحيدة إلى ألف مكتبة لتكون هناك مكتبة لكل مائة ألف مواطن.. هذا هو الأمل أو بداية الأمل والقصة طويلة. وللحديث بقية. السفير عبد الرءوف الريدي رئيس مجلس إدارة مكتبة مصر العامة 31 مارس 2020
منارة على النيل بينما كان المهندس المقاول ممدوح حبشي يقوم بإنشاء مبنى المكتبة وتألق فيه، كانت لمياء عيد إبنة الثلاثة والثلاثين عاما تشرف على تجهيزها. كونت فريقا من الشباب الذين تدرجوا مع المكتبة بعد ذلك فأصبح منهم المدير ونائب المدير وغيرهما ممن ذهب لتولي قيادة مكتبات بالخارج. أخذوا يصنفون مقتنيات المكتبة، عملوا بالليل والنهار بحيث جاء يوم 21/3/1995 لتكون المكتبة جاهزة للافتتاح...
الحديث السادس لمكتبة مصر العامة بقلم السيد السفير عبد الرءوف الريدي، رئيس مجلس إدارة المكتبة بعنوان "الزيتون الفرع الأول" #مكتبة_مصر_العامة #حديث_المكتبة #السفير_عبد_الرءوف_الريدي حديث المكتبة ٦ الزيتون الفرع الأول ما أن انفضت احتفاليات الافتتاح وبدأت المكتبة في الاستقرار وأصبح روادها يتزايدون بالآلاف، وأصبحت أرى وأنا في طريقي إلى مكتبي الأطفال وقد ملأوا قاعات الأنشطة ثم افترشوا الأرض للقراءة وما يشيعه ذلك من بهجة وما أجده من متعة عند لقاء الأصدقاء على تراس المكتبة المطل على النيل عقب الندوات للتحادث والتسامر والحوار مع ممثلي وسائل الإعلام الذين حضروا لتغطية الندوات. مع هذه الأجواء أصبحت أفكر في أننا لا يجب أن نقنع بمكتبة وحيدة بل علينا أن نفكر في الانتشار خارج نطاق المكتبة بالجيزة وأخذت أبحث عما إذا كانت هناك أماكن في القاهرة يمكن أن نستخدمها لإقامة مكتبات فرعية وتحدثت مع السيدة سوزان مبارك حول إمكان استخدام مبنى كان متاحا لجمعية الرعاية المتكاملة ولكنها لم تستخدمه وأبدت السيدة سوزان موافقتها على ذلك كما رحب رينهارد مون أيضا بفكرة إنشاء مكتبات فرعية واقترح أن نعقد اتفاقية تكميلية لهذا الغرض. أرسلنا فريقا يمثل مؤسسة برتلسمان وصندوق التنمية الثقافية مع ممثل عن المكتبة وعاين الفريق هذا المبنى ووجده ملائما بعد تطويره واتفقنا على اتاحته للاستخدام كمكتبة فرعية لنا بشارع الرشاح بمنطقة الزيتون (شارع عمر المختار حاليا) بمساحة إجمالية ١٢٦٠ م٢. وفي نفس الوقت بدأنا العمل على اعداد الاتفاقية التكميلية وتطوير المبنى ليكون مكتبة فرعية بالزيتون. وابدى رينهارد مون استعداد مؤسسة برتلسمان لتكرار ما فعلته بالنسبة للمكتبة الرئيسية؛ تطوير المبنى وتجهيزه وإعداده ودفع رواتب العاملين لثلاث سنوات. وتم توقيع الاتفاقية التكميلية بواسطة كل من الوزير فاروق حسني وزير الثقافة ورينهارد مون رئيس مؤسسة برتلسمان. استغرق العمل في إعداد المكتبة الفرعية بالزيتون وتزويدها بالكتب واختيار فريق العاملين بها حوالي العام والنصف. تم اختيار موعد ٢٣ مارس ١٩٩٩ للاحتفال بافتتاح الفرع أي في العيد الرابع لإنشاء المكتبة الرئيسية وكان احتفالا بهيجا وجميلا وإن لم يكن بطبيعة الحال مماثلا لافتتاح المكتبة الرئيسية. كانت السيدة سوزان مبارك هي راعية الاحتفال وجاء رينهارد مون بطائرته الخاصة من ألمانيا ومعه زوجته وعدد من مساعديه كما حضر الاحتفال لفيف من الشخصيات المصرية المهتمة بالشأن الثقافي والاجتماعي من بينهم محافظ القاهرة الدكتور عبد الرحيم شحاتة. لم تمر إلا أيام معدودات حتى جاءني خطاب من الدكتور عبد الرحيم شحاتة محافظ القاهرة استوحاه من إنشاء مكتبة الزيتون يبلغني فيه أنه قام بتخصيص قطعة أرض على مساحة حوالي ٤٠٠٠ متر مربع لإقامة مكتبة فرعية ثانية بالعاصمة وذلك في منطقة الزاوية الحمراء وكان ذلك تحديا جديدا لنا في الوقت الذي كان إضافة هامة لمسيرة منظومة مكتبات مصر العامة وكان الموقع الذي اختاره د. شحاتة قطعة أرض تؤرقه لأنها أصبحت تستخدم لألقاء القمامة بها وأراد الرجل أن يحول هذه المشكلة إلى ميزة بأن تقام عليها مكتبة عامة تخدم المنطقة خاصة أن بها عددا من المدارس. كان فرع الزيتون كالحجر الذي ألقى في الماء فأحدث دائرة وتأتي بعد هذه الدائرة دائرة أخرى أوسع ودائرة أخرى وهكذا. كان فرع الزيتون هو الذي فتح الطريق إلى منظومة بلا نهاية من عشرين مكتبة في العام الحالي أي عام ٢٠٢٠ أما قصة هذه المنظومة فهي قصة أخرى وللحديث بقية